منتديات الـمبــــدعــــين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتديات ثقافية ادبية و شعر شعبي
 
الرئيسيةالبوابة 1أحدث الصورالتسجيلدخول

 

 سلسلة الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
achour kamel
ADMIN
ADMIN
achour kamel


ذكر
عدد الرسائل : 3377
العمر : 66
تاريخ التسجيل : 04/01/2008

سلسلة الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام Empty
مُساهمةموضوع: سلسلة الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام   سلسلة الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام I_icon_minitimeالجمعة سبتمبر 19, 2008 9:47 pm


سلسلة الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام W6w200504191512560fbdcafc

سلسلة الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام 045034vv6

الحمد
لله نحمده ، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات
أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله
إلا الله وحده لاشريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه
وسلم، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

السلام عليكم ورحمة الله أهلا بكم إخواني الاعزاء أعضاء وزوار المنتدى الديني

سلسلة الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام 1188789749


زكريا : عليه السلام

تمنى
عمران وزوجته أن يكون لهما ولد، فأخذا يدعوان الله أن يرزقهما الذرية
الصالحة، فاستجاب الله لدعائهما، وحملت امرأة عمران، فنذرت أن تهب ما في
بطنها لخدمة المسجد الأقصى، ويتولى رعايته، ويقوم على شئونه، ولما ولدت
أنثى، قالت: {رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى
وإني سميتها مريم وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم}
[آل عمران:36] ثم أخذتها، وذهبت بها إلى المسجد الأقصى حتى تعيش


هناك، وتتربى على التقوى والأخلاق الحميدة، وتنشأ على عبادة الله منذ الصغر.

وتقدم
زكريا ليكفلها ويربيها ويقوم على رعايتها، وقد كان زكريا نجارًا، لكن
الناس اختلفوا في ذلك، وارتفعت أصواتهم كل ينادي ويطالب بتربية مريم، وكل
يرى نفسه أحق برعايتها من غيره، فقام أحد عُبَّاد المعبد ليفض هذا النزاع
الذي نشب بينهم في شأن كفالة مريم، وقال: أقترح عليكم أن نذهب جميعًا إلى
النهر ونرمى أقلامنا فيه، والقلم الذي يجري خلاف جري الماء هو الذي يفوز
صاحبه بكفالة مريم وينال شرف تربيتها.


فاتفق
الجميع على هذا الرأي، وذهبوا إلى النهر، ورمى كل واحد منهم قلمه فذهبت
الأقلام جميعها مع التيار إلا قلم زكريا فهو وحده الذي سار خلاف جري
الماء، وفاز زكريا بكفالة السيدة مريم، وبدأ زكريا -عليه السلام- في كفالة
مريم والقيام على أمرها، وخصص لها مكانًا في المسجد تعيش فيه، ومحرابًا
خاصًّا بها لتتعبد فيه، وظلت السيدة مريم في المسجد وقتًا طويلا تعبد الله
وتسبحه، وتقدسه في مكانها الخاص، لا تغادره إلا قليلاً.


وكان
زكريا يزورها من حين لآخر، للاطمئنان عليها، والقيام بأمرها، وكلما دخل
عليها المسجد، وجد عندها طعامًا، بل كان يجد فاكهة وألوانًا مختلفة من
الأطعمة لا توجد في ذلك الوقت، فتعجب زكريا، وأخذته الدهشة ثم سألها: من
أين لها بهذه الفاكهة، وهذا الطعام؟! فأخبرته السيدة مريم بأنه رزق من عند
الله الذي يرزق من يشاء بغير حساب، وكان زكريا قد كبرت سنه، ولم يكن لديه
ولد ولا ذرية، لكنه لما رأى رزق الله لمريم بأشياء ليست في وقتها علم أن
الله قادر أن يرزقه ولدًا، وإن كانت امرأته عاقرًا، فانصرف زكريا من عند
مريم، وتوجه إلى ربه -عز وجل- يدعوه أن يرزقه بولد صالح.


وفي
يوم من الأيام، وبينما زكريا في محرابه يعبد الله ويسبحه، تنزلت عليه
الملائكة تبشره باستجابة الله لدعائه، وأن الله سبحانه وهبه غلامًا اسمه
يحيى، وسيكون نبيًّا صالحًا، فتعجب زكريا من ذلك فكيف يكون له غلام وقد
كبرت سنه، وامرأته عجوز عاقر؟! فأخبرته الملائكة أن هذا أمر الله القادر
على كل شىء، عند ذلك طلب زكريا -عليه السلام- من الله تعالى أن يجعل له
آية يستدل منها على أن زوجته بدأت تعاني من أعراض الحمل؛ فجعل الله علامة
ذلك أن يفقد حاسة النطق لمدة ثلاثة أيام، وعليه في هذه الحالة أن يستحضر
قلبه في الصباح والمساء في ذكر الله وعبادته وشكره.


ثم بين له الله -عز وجل- أنه إذا أراد مخاطبة قومه خاطبهم بالإشارة، وأمره الله -عز
وجل- أن يطلب من قومه أن يسبِّحوا لله في الصباح والمساء، ومرت فترة من
الزمن، وولد يحيى -عليه السلام- بعد شوق وانتظار؛ وأقر الله به عين زكريا
وفرح به فرحًا عظيمًا، فتوجه إلى محرابه يصلي، ويسجد لله عز وجل، ويشكره
على هذه النعمة العظيمة.. وقد مات زكريا -عليه السلام- قتيلاً على يد


بني إسرائيل، وقيل: إنه قد مات ولم يقتل،

فالله أعلم

سلسلة الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام Icon

[b]شعيب : عليه السلام


على أرض مدين، وهي
منطقة بالأردن الآن، كان يعيش قوم كفار يقطعون الطريق، ويسلبون أموال
الناس الذين يمرون عليهم، ويعبدون شجرة كثيفة تسمى الأيكة.


وكانوا يسيئون معاملة الناس، ويغشُّون في البيع والشراء والمكيال والميزان، ويأخذون ما يزيد عن حقهم.

فأرسل الله إليهم
رجلاً منهم هو رسول الله شعيب-عليه السلام-، فدعاهم إلى عبادة الله وعدم
الشرك به، ونهاهم عن إتيان الأفعال الخبيثة، من نقص الناس أشياءهم، وسلب
أموال القوافل التي تمر بديارهم.


فقال لهم: (يا
قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد جاءتكم بينة من ربكم فأوفوا الكيل
والميزان ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ذلكم
خير لكم إن كنتم مؤمنين
)[الأعراف: 85].


وظل شعيب يدعو قومه
ويبين لهم الحق، فآمن به عدد قليل من قومه وكفر أكثرهم، لكن شعيبا لم ييأس
من عدم استجابتهم، بل أخذ يدعوهم، ويذكر لهم نعم الله التي لا تحصى،
وينهاهم عن الغش في البيع والشراء.


لكن قومه لم يتقبلوا كلامه، ولم يؤمنوا به، بل قالوا له على سبيل الاستهزاء والتهكم: (يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء إنك لأنت الحليم الرشيد)[هود: 87].

فرد عليهم شعيب بعبارة لطيفة، يدعوهم فيها إلى الحق (قال
يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي ورزقني منه رزقًا حسنًا وما أريد أن
أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا
بالله عليه توكلت وإليه أنيب
)[هود: 88].


وهكذا كان نبي الله شعيب قوي الحجة في دعوته إلى قومه، وقد سماه المفسرون خطيب الأنبياء لبراعته، ثم قال لهم ليخوفهم من عذاب الله: (ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد)[هود: 89].

فأخذوا يهددونه ويتوعدونه بالقتل لولا أهله وعشيرته، وقالوا له: (يا شعيب ما نفقه كثيرًا مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفا ولولا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز)[هود: 91].

فقال لهم: (يا قوم أرهطي أعز عليكم من الله واتخذتموه وراءكم ظهريًّا إن ربي بما تعملون محيط)[هود: 92].

ثم أخذ يهددهم
ويخوفهم من عذاب الله إن استمروا على طريق الضلال والعصيان، وعند ذلك خيره
قومه بين أمرين: إما العودة إلى دين الآباء والأجداد، أو الخروج من البلاد
مع الذي آمنوا معه، ولكن شعيبًا والذين آمنوا معه يثبتون على إيمانهم،
ويفوضون أمرهم لله.


فما كان من قومه ألا
أن اتهموه بالسحر والكذب، وسخروا من توعده إياهم العذاب، ويستعجلون هذا
العذاب إن كان حقًّا. فدعا شعيب ربه قائلاً: (ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين[الأعراف: 89]، (أي احكم بيننا وبين قومنا بالعدل وأنت خير الحاكمين).


فطلب الله سبحانه من
شعيب أن يخرج هو ومن آمن معه؛ لأن العذاب سينزل بهؤلاء المكذبين، ثم سلط
الله على الكفار حرًّا شديدًا جفت منه الزروع والضروع والآبار، فخرج الناس
يلتمسون النجاة، فإذا بسحابة سوداء، فظنوا أن فيها المطر والرحمة، فتجمعوا
تحتها حتى أظلتهم، لكنها أنزلت عليهم حممًا حارقة، ونيرانا ملتهبة أحرقتهم
جميعًا، واهتزت الأرض، وأخذتهم صيحة أزهقت أرواحهم، وحولتهم إلى جثث هامدة
لا حراك فيها ولا حياة.


ونجي الله شعيبًا والذين آمنوا معه من العذاب الأليم، قال تعالى: (ولما
جاء أمرنا نجينا شعيبا والذين آمنوا معه برحمة منا وأخذت الذين ظلموا
الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين. كأن لم يغنوا فيها ألا بعدا لمدين كما
بعدت ثمود
)[هود: 94-95


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mobdi3ine.keuf.net
achour kamel
ADMIN
ADMIN
achour kamel


ذكر
عدد الرسائل : 3377
العمر : 66
تاريخ التسجيل : 04/01/2008

سلسلة الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: سلسلة الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام   سلسلة الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام I_icon_minitimeالجمعة سبتمبر 19, 2008 9:48 pm

[b]عيسى : عليه السلام

ذهبت امرأة عمران
بمريم إلى المسجد الأقصى وفاءً بنذرها، لتنشأ فيه نشأة طيبة وتتعلم أصول
دينها، وتتربى على مكارم الأخلاق، وتكفَّل زكريا برعاية مريم وكان زكريا
زوجًا لخالتها، فقام بتربيتها وكفالتها ورعايتها حتى كبرت على الأخلاق
الحميدة.
عاشت مريم في محرابها تعبد الله وتسبحه وتقدِّسه، وذات يوم
دخل عليها مجموعة من الملائكة على هيئة البشر، وأبلغوها ثناء الله -عز
وجل- عليها، وحثوها على مزيد من الطاعة والعبادة والصلاة، فقالوا لها: {يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك علي نساء العالمين . يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين} [آل عمران:42-43] ثم بشَّروها بولد منها سيكون نبيًّا كريمًا مؤيدًا بالمعجزات، فقالوا: {يا
مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى بن مريم وجيهًا في الدنيا
والآخرة ومن المقربين . ويكلم الناس في المهد وكهلاً ومن الصالحين
}
[آل عمران:45-46] فتعجبت مريم، إذ كيف يكون لها ولد وليست متزوجة، ولم
يمسسها أي رجل!! فأخبرتها ملائكة الله أن هذه هي إرادة الله سبحانه القادر
على كل شىء، ولم تملك مريم -عليها السلام- في هذا الأمر إلا أن تستسلم لله
عز وجل، وتتحصن به في هذا المقام، لعل الله سبحانه أن يجعل لها مخرجًا.
ذات
يوم وبينما هي وحدها، أرسل الله إليها الروح الأمين جبريل -عليه السلام-
على هيئة بشرية وفي صورة حسنة، فلما رأته خافت وفزعت منه، فلم يكن يدخل
عليها المحراب أحد غير زكريا، فتعوذت بالله من هذا الشخص الذي دخل عليها.
فطمئنها
جبريل أنه رسول الله إليها، ليهب لها غلامًا طيبًا مباركًا، ونفخ فيها
نفخة، فحملت على الفور، ثم اختفى جبريل -عليه السلام-.ومرت الأيام، وأحست
مريم بآلام الحمل، فذهبت إلى مكان بعيد خوفًا من كلام الناس في حقها،
وجلست تحت ظل نخلة تفكر في أمرها وما سيكون عليه حالها بعد ولادتها،
واقتربت ساعة الولادة، فتمنت أن لو كانت قد ماتت قبل أن يحدث لها ما حدث،
ووضعت مريم عيسى -عليه السلام- واحتاجت إلى طعام وشراب حتى تستعيد قوتها
ونشاطها، فقد أصابها الضعف بعد الولادة، وفجأة .. سمعت صوتًا يناديها
ويأمرها أن تهز جذع النخلة التى تجلس تحتها، وسوف يتساقط عليها الرطب،
فتأكل منها حتى تشبع.
وظل هذا الصوت يتكلم، وكأنه يعلم ما يدور في صدر
مريم من مخاوف حينما تدخل على أهلها وعلى الناس، وهي تحمل بين ذراعيها
طفلاً رضيعًا هي أمه، مع أنها لم تتزوج ولم تعاشر الرجال، فقال لها ذلك
الصوت: {فإما ترين من البشر أحدًا فقولي إني نذرت للرحمن صومًا فلن أكلم اليوم إنسيًّا}
[مريم:24-26] وأخذت تتلفت يمينًا ويسارًا لتتعرف على مصدر الصوت الذي
يناديها، لكنها لم تجد أحدًا سوى ابنها الذي ولدته منذ لحظات، فتعجبت من
ذلك تعجبًا شديدًا، وأدركت على الفور أنها أمام معجزة من معجزات الله
العظيمة، ففرحت بابنها فرحًا كبيرًا، وعلمت أن الله سوف يجعل لها بعد هذا الضيق فرجا و مخرجا.
وتوكلت
مريم على ربها، وحملت ابنها الصغير عيسى -عليه السلام- عائدة إلى قومها،
وبينما هي تسير، رآها قومها من اليهود فتعجبوا من ذلك وأقبلوا عليها
لائمين ومعنفين، وقالوا: {يا مريم لقد جئت شيئًا فريًّا . يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوءٍ وما كانت أمك بغيًّا}
[مريم:27-28] فأشارت مريم إلى ابنها الرضيع، فتعجب اليهود من أمرها، فكيف
سيكلمون هذا الطفل الرضيع؟! فأنطق الله عز وجل عيسى -عليه السلام- فقال: {إني
عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيًّا . وجعلني مباركًا أين ما كنت وأوصاني
بالصلاة والزكاة ما دمت حيًّا . وبرًّا بوالدتي ولم يجعلني جبارًا شقيًّا
. والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيًّا
} [مريم:30-33].
ولم
تسلم مريم من إشاعات اليهود واتهاماتهم، ولما خافت على نفسها وولدها من
غدر اليهود أخذت ابنها، وسارت به إلى مكان بعيد عن قومها، حتى لا يؤذوه
ولما كبرت عادت به مرة أخرى إلى بيت لحم في فلسطين موطن ولادة عيسى، ولما
عاد عيسى -عليه السلام- إلى قومه رأى أنهم قد انحرفوا عن المنهج الذي جاء
به موسى من قبل، ومن انحرافهم أنهم كانوا يتحرجون من عمل الخير يوم السبت
باعتباره يوم عطلة لا يجوز العمل فيه، فيمر عليهم اليوم دون أن يقدموا
عملاً صالحًا يتقربون به إلى الله.
وأقبلوا على حب المال، فسيطر على
نفوسهم وتفكيرهم، وأجبر الكهنةُ الفقراء على النذر للمعبد، ليأخذوه لهم مع
علمهم أن الفقراء والمحتاجين في أشد الحاجة إليه، وكان بعضهم ينكر يوم
القيامة، ويقولون: لا حساب ولا عقاب في الآخرة، وفئة أخرى طغت عليها
الحياة وحب الدنيا، فأخذوا في ابتزاز أموال الناس بأى شكل وبأية حال،
فكانت حاجة المجتمع إلى الإصلاح والهداية شديدة، فأرسل الله إليهم المسيح
عيسى -عليه السلام- لهدايتهم إلى المنهج الصحيح، فذهب إليهم يدعوهم إلى
عبادة الله، وترك ما هم فيه من جهل وضلال.
وأيد الله تعالى عيسى
بالمعجزات العظيمة التى تتناسب مع أهل زمانه، لتكون دليلاً على أنه رسول
من ربه، فأعطاه الله القدرة على إحياء الموتى، وشفاء المرضى الذين عجز
الأطباء والحكماء عن شفائهم، وأعلمه الله بعض الغيب، فكان يعرف ما يأكل
الناس وما يدخرون في بيوتهم، فأخذ عيسى -عليه السلام- يدعو قومه إلى
الطريق المستقيم، ويبين لهم المعجزات التى أيده الله بها، فقال: {أني
قد جئتكم بآية من ربكم أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون
طيرًا بإذن الله وأبرئ الأكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذن الله وأنبئكم بما
تأكلون وما تدخرون في بيوتكم إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين . ومصدقًا
لما بين يدي من التوراة ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم وجئتكم بآية من ربكم
فاتقوا الله وأطيعون
} [آل عمران: 49-50].
ومع هذه العجائب
والمعجزات الخارقة التى جاء بها عيسى إلى بني إسرائيل لم يؤمن به إلا
القليل، واستمر أكثرهم على كفرهم وعنادهم بالإضافة إلى أنهم رموه بالسحر،
ولم ييأس عيسى -عليه السلام- بل استمر يدعوهم إلى عبادة الله عسى أن
يؤمنوا بالله وحده، وطلب عيسى -عليه السلام- من قومه النصرة لدين الله
فهدى الله مجموعة من الفقراء والمساكين إلى الإيمان، فكان هؤلاء هم
الحواريون الذين اصطفاهم الله؛ ليحملوا دعوة الحق، ويناصروا عيسى، وكان
عددهم لا يزيد عن اثني عشر رجلاً.
وذات يوم أمر عيسى -عليه السلام-
جميع من معه بصيام ثلاثين يومًا فصاموا، ولما أتموها طلبوا منه أن يدعو
الله أن ينزل عليهم مائدة من السماء، فنصحهم عيسى أن يتقوا الله في هذا
الأمر، فردَّ الحواريون:
{نريد أن نأكل منها وتطمئن قلوبنا ونعلم أن قد صدقتنا ونكون عليها من الشاهدين}
[المائدة:113] ولما رأى عيسى إصرار الحواريين ومن معهم من بني إسرائيل على
طلب مائدة من الرحمن، قام إلى مصلاه، يدعو الله قائلاً: {اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدًا لأولنا وآخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين}_[المائدة:114] فقال عز وجل: {إني منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذابًا لا أعذبه أحدًا من العالمين} [المائدة:115].
وبعد
لحظات، أنزل الله المائدة من السماء، والناس ينظرون إليها وهي تقترب شيئًا
فشيئًا، وكلما دنت كان عيسى يسأل ربه عز وجل أن يجعلها بركة وسلامًا لا
نقمة وعذابًا، ولم تزل تقترب حتى استقرت أمام عيسى، فسجد عيسى ومن معه لله
شاكرين على استجابة طلبهم، ثم كشف عيسى الغطاء عن تلك المائدة، فإذا عليها
ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين؛ وأكل الحواريون من هذه المائدة، وأكل معهم
آلاف الناس الذين جاءوا لعيسى من أجل أن يشفيهم بإذن الله من أمراضهم،
وصار يوم نزول هذه المائدة عيدًا للحواريين وأتباع عيسى لفترة طويلة.
وانتشر
خبر عيسى في البلاد، وآمن به كثير من الفقراء والمساكين، فحقد عليه الكهنة
والأغنياء من اليهود وكرهوه، وأرادوا التخلص منه، فدبروا له حيلة ماكرة،
حيث ذهبوا إلى الحاكم الرومانى وأخبروه بأن عيسى رجل ثائر يحرض الناس
عليهم، ويدبر مؤامرة ضد الدولة الرومانية، وظلوا يحرضون الحاكم على عيسى
حتى أصدر حكمًا بإعدامه وصلبه، وبحثوا عن عيسى طويلاً
فلم يجدوه، حيث أوحى الله إليه بما دبره اليهود والكفرة، فاختبأ عيسى والحواريون في الجبال يعبدون الله بعيدًا عنهم.
وفي خلال تلك الأحداث قال الله لعيسى: {إني متوفيك ورافعك إليَّ ومطهرك من الذين كفروا}
[آل عمران:55] واجتمع الحاكم بكبار رجال الدولة يرافقهم الكفرة من اليهود
ليتشاورا في أمر عيسى وأين ذهب وما الذي يجب صنعه تجاهه؟ وظلوا يبحثون عن
نبي الله عيسى في كل مكان ليقتلوه، لكن الله سبحانه حفظه ورعاه ورفعه إلى
السماء، وألقى شبهه على رجل منهم، فأخذوه ظنًّا منهم أنه عيسى فصلبوه
وقتلوه.
وودَّع عيسى الحواريين، وبشرهم برسول يأتى من بعده يُكْمِلُ ما بدأه، وبه تتم نعمة الله على الخلائق فقال لهم: {يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقًا لما بين يدي من التوراة ومبشرًا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد}
[الصف:6] وظن اليهود أن عيسى هو الذي قتل، ففرحوا بذلك، لكن القرآن الكريم
يؤكد لنا أنه لم يقتل، وأنه نجا من أيديهم، حيث إن الله -سبحانه- رفعه
إليه، قال تعالى: {وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه
لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن
وما قتلوه يقينًا . بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزًا حكيمًا
} [النساء: 157-158].
وقد أنزل الله -عز وجل- الإنجيل على عيسى، وأمرنا بالإيمان به، قال تعالى: {قولوا
آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلي إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب
والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد
منهم ونحن له مسلمون
} [البقرة:136] ولكن أهل الكتاب حرفوا الإنجيل
وبدلوا كثيرًا في آياته وأحكامه، وكان عيسى آخر أنبياء بني إسرائيل، ولم
يأت من بعده سوى خاتم الأنبياء والمرسلين محمد رسول الله - صلى الله عليه
وسلم- وأخبرنا النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- أن عيسى -عليه السلام- سوف
ينزل إلى الأرض مرة أخرى في نهاية الزمان، ويدعو الناس إلى شريعة محمد
-صلى الله عليه وسلم- ويكسر الصليب الذي اتخذه النصارى شعارًا لهم.
قال: (والذي
نفسى بيده ليوشكنَّ أن ينزل فيكم ابن مريم عدلاً، فيكسر الصليب ويقتل
الخنزير، ويضع الحرب، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد حتى تكون السجدة
الواحدة خيرًا من الدنيا وما فيها
) [متفق عليه] وقد ضلَّ النصارى
من بعد عيسى حيث اعتقدوا أن عيسى هو ابن الله، كما اعتقد اليهود أن عزيرًا
ابن الله، تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا، ولقد نفى الله ما قاله
هؤلاء الكفرة، قال تعالى: {إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون} [آل عمران:59] وسوف يحاسبهم الله -عز وجل- على قولهم ذلك، ويعاقبهم عليه عقابًا شديدًا، قال تعالى: {وقالت
اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم
يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون
} [التوبة:30].
ويوم القيامة سوف يسأل الله -عز وجل- نبيه عيسى عن ضلال قومه وما فعلوه بعده من تأليههم له وقولهم إنه ابن الله، قال تعالى: {يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله} [المائدة:116] فيقول عيسى لربه: {سبحانك
ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي
ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب . ما قلت لهم إلا ما أمرتني به
أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدًا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت
أنت الرقيب عليهم وأنت علي كل شيء شهيد . إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر
لهم فإنك أنت العزيز الحكيم
} [المائدة:116-118].

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mobdi3ine.keuf.net
 
سلسلة الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات الـمبــــدعــــين :: المنتديات الاسلامية :: المنتدى الاسلامي العام-
انتقل الى: